بحث هذه المدونة الإلكترونية

تتحكم الأصول الأنطولوجية ontological principles، والإبستمولوجية epistemological[1] إلى حد كبير في تشكيل الاتجاهات اللسانية، وكثيرا ما يعود الاختلاف المنهجي بين اللسانيين إلى موقفهم من هذه الأصول. وليس شرطا أن تكون هذه الأصول سابقة زمنيا للاتجاه المدرسي، بل قد تكون تبلورت، واتضحت معالمها في مرحلة متأخرة، ولكن تسويغ جعلها من الأصول كونها تفسر بعض اتجاهاتها، وخصائصها.

ولقد آثرنا أن نبدأ بالحديث عن أهم الأصول الأنطولوجية، والإبستمولوجية، والفلسفية التي وجّهت اتجاهات المدارس اللسانية معزولة عن السياقات التاريخية، والجغرافية التي وقعت فيها، ولما كان الأمر يقتضي ربط تلك الأصول بالمدارس اللسانية، وتوضيح آثار تلك الأصول كان لابد من تقديم نبذة موجزة عن أهم المدارس التي ظهرت في القرن العشرين لكي نوضح من خلالها أهم أفكارها، ونربط تلك الأفكار إما على نحو مباشر، أو غير مباشر بالأصول التي تحدثنا عنها. وبذلك نضمن أن تتسنى للقارئ الفرصة للاطلاع على أصول تلك المدارس، وأهم فروعها، والصلة بين تلك الأصول، والفروع في آن واحد، كما نضمن الحديث عن أصول فلسفية أخرى يحسن أن تعرض في إطارها التاريخي.

وقد دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع النقص الظاهر في تناول هذا النوع من الموضوعات التي لا تقف عند الجزئيات، والآراء، والأفكار، بل تمتد إلى التعمق في الأصول المفسرة لتلك الفروع. ولا يخفى على الباحثين أهمية البحث في أصول العلوم؛ إذ بدونها لا يمكننا فهم الإطار النظري الذي يلم شملها، ويحقق وحدتها، ويسوّغ منهجيتها، ويعين على فهم فروعها، ويربط بين جزئياتها.

1 ، 1- أهم الأصول:

لقد حاولت في هذه الدراسة أن استقرئ أهم تلك الأصول فاستنتجت أنها تتعلق بآراء تلك المدارس في مفهوم العلمية في اللسانيات، وتحديد قدر الكفاية فيه، وموقفهم من الحد الذي يمكن أن يمتد إليه مستوى التجريد في دراسة الظواهر اللغوية، ومواقفهم الأنطولوجية من الكليات، والجزئيات، ووجهات نظرهم في مفهومي اللغة، والكلام، وتحديد ما الذي ينبغي للساني أن يدرسه منها، واختلافهم في طبيعة اللغة، وفي تحديد أهم الجوانب اللغوية التي ينبغي للساني توجيه اهتمامه إليها؛ فضلا عن أصول أخرى آثرنا الحديث عنها عند الكلام عن المدارس نفسها.

1 ، 1، 1- مفهوم العلمية في اللسانيات:

يتفق اللسانيّون في القرن العشرين على أن اللسانيات هي الدراسة العلمية للغة، ولكنهم يختلفون فيما يمكن أن يوصف بأنه علمي، أو غير علمي، الأمر الذي ترتب عليه تفاوت فيما بينهم في تحديد نطاق العلم، وحدوده. لقد ساد الاعتقاد في بداية القرن التاسع عشر بأن توجيه البحث اللغوي نحو البعد التاريخي أكسب الدراسات اللغوية طابع العلم، وقد ألمح إلى ذلك اللغوي الدانمركي أوتو جسبرسن Otto Jespersen في قوله: "إن الصفة المميزة لعلم اللغة science of language كما يفهم الآن هي السمة التاريخيّة".[2]

ومن العوامل التي كان لها أثر فعّال في تحديد مفهوم العلم في البحث اللساني ثلاثة تيارات مهمة هي التجريبية empiricism، والوضعية positivism، والعقلانية rationalism. وقد بلغت أهمية هذه النزعات الفلسفية شأوا جعلت جون لاينز يقول إنه بدون معرفة التجريبية، والوضعيّة لا يمكن أن يتوقع من طلاب اللسانيات "أن يفهموا بعض القضايا النظرية، والمنهجية التي ميّزت بعض المدارس اللسانية من أخرى في الوقت الحاضر"[3]. فالتجريبية تشير إلى وجهة النظر القائلة بأن كل المعرفة تأتي من الخبرة experience؛ ولاسيما من الإدراك الحسي perception، والمادة المأخوذة من الحس sense-data. وقد تبنت هذه النظرة المدرسة الوصفية الأمريكية التي كان يتزعمها اللساني الأمريكي بلومفيلد Bloomfield الذي تأثر إلى حد كبير بعالم النفس واطسن Watson مؤسس المدرسة السلوكية في علم النفس. نشر واطسن مؤلفه السلوكية Behaviorism في سنة 1924، ولكنه مهّد له ببعض المبادئ التي وردت في بعض مقالاته، ومحاضراته.[4] عُرِف السلوكيون بصرامتهم في الدعوة إلى المحافظة على الموضوعية، وانتقاد العقلانيين في الاعتماد على الحدس، والاستبطان في الحكم على المادة اللغوية، ورفضهم إقحام الأنظمة العميقة المفسرة للسلوك الخارجي. وقد وصف تشومسكي Chomsky (وهو اللساني، والفيلسوف الذي أعاد الاعتبار إلى الفلسفة العقلانية) هذا الرفض بأنه "موضوع لا يقبل الجدل؛ لأنه تعبير عن افتقاره إلى الاهتمام بالنظرية، والتفسير".[5] ويتساءل عما إذا كان المهم هو التبصّر في البحث أم مجرد التعلّق بالموضوعية مشيرا إلى أن العلوم الاجتماعية، والسلوكية تبرهن على أننا قد نلهث وراء الموضوعية دون أن نظفر إلاّ بقسط قليل من التبصر، والفهم،[6]، ويرى أن التغاضي عن الأحكام الاستبطانية لغرض الحفاظ على النقاء المنهجي ما هو إلا حكم على دراسة اللغة بالجدب، والعقم.[7]

وهكذا بينما كان بلومفيلد، وأتباعه يسألون "كيف يمكن أن نصف، ونحلل ما يقوله المتكلم، والكاتب من كلام يمكن للملاحظ الخارجي أن يلاحظه عيانا؟ كان التشومسكيون يسألون "ماذا يدور في عقل المتكلم السليقي، أو الفصيح بحيث يمكن أن يدعى متكلما للإنجليزية، أو السواحلية، أو اليابانية، أو اللاتينية الكلاسيكية، أو أية لغة أخرى.[8]

ويرتبط هذا الأمر بالحجة التي استخدمها التشومسكيون ضد السلوكيين، وهي ظاهرة اللاتناهي infinity في عدد الجمل التي يمكن للمتكلم في أية لغة أن يقولها. وهي تعني أن ما يحمله المتكلم في رأسه من الجمل الممكنة أكثر بكثير من القولات التي قيلت بالفعل. وقد أدى هذا الأمر إلى العناية بالحدس intuition، والاستبطان introspection بوصفهما أفضل وسيلتين لاستكشاف ما يدور في عقل المتكلم. كما انشغل اللسانيون بأفكار كانت تعد من الميثافيزيقيات التي لا يليق باللسانيات دراستها، ومن هذه الأفكار مفهوم البنية العميقة، وافتراض العمليات الحاسوبية المعقدة التي تحدث في أذهان المتكلمين، والقواعد العمومية التي يولد بها الإنسان. وبذلك تحول البحث اللساني إلى العقلانية، وانتكست التجريبية التي تبناها بلومفيلد، وأتباعه. وقد وصف روبنز Robins الفرق بين منهج تشومسكي، ومنهج التجريبيين بقوله:

"كان تشومسكي، ومن تبعه في منهجه العام ينظرون إلى اللغة من الداخل؛ أي إلى كفاية المتكلم السليقي في استعمال لغته، وفهمها، في حين كان على التجريبيين مخلصين في ذلك لمبادئهم- أن ينظروا إلى اللغة من الخارج مثلما تفعل العلوم الطبيعية، وكان عليهم أن يشغلوا أنفسهم حصرا بظاهرتي الكلام، والكتابة التي يمكن ملاحظتهما عيانا".[9]

وبناء على رأي تشومسكي فإن اللغة في حد ذاتها إنما هي مفتاح لفهم جزئي للعقل، أو الدماغ البشري؛ ولذا صرح غير مرة بنظرته إلى اللسانيات على أنها فرع من علم النفس الإدراكي cognitive psychology.[10]

ولعل من المهم هنا أن نشير إلى وجود تلازم بين المدرستين التجريبية، والوضعية فيما يتعلق باللسانيات على الرغم مما بينهما من اختلافات تاريخية، وفلسفية. فالوضعية نزعة علمانية نشأت في سياق حملة النقد الموجهة ضد تيار المناظرات الغيبية، والميثافيزيقية، وعرفت برفضها لكل ما ليس له وجود فيزيائي. وكان لهذه المدرسة مبدآن مشهوران هما مبدأ التحقق principle of verification، ومبدأ التخفيض principle of reductionism. ووفقا لمبدأ التحقق لا تكون الفكرة مفيدة ما لم تثبت صحتها بالملاحظة، أو بمناهج علمية معيارية تطبق على المادة المجموعة بالملاحظة، أما مبدأ التخفيض فيقتضي وجود أولويات للعلوم تجعل بعضها أساسا للآخر، فالفيزياء، والكيمياء أكثر أساسا more basic من الأحياء، والأحياء أكثر أساسا من علمي النفس، والاجتماع، وهكذا. وفي التركيبة الكلية للعلم الموحّد تُخفّض مفاهيم (ومناهج) العلوم الأقل أساسا إلى مفاهيم (ومناهج) العلوم الأكثر أساسا (أي يعاد فهمها، وتفسيرها في ضوئها).[11] وعلى الرغم من أن مبدأ التحقق قد تُخلي عنه الآن فلا نزال نرى أثره في نظرية المعنى القائمة على اشتراط الصدق truth-conditional theory of meaning. أما مبدأ التخفيض فلم يعد جذّابا كما كان في عهد بلومفيلد. وعلى وجه العموم، لقد اتسمت لسانيات القرن العشرين (شأنها في ذلك شأن علمي النفس، والاجتماع) بطابع الفلسفة الوضعية، ولكن هذه الفلسفة بدأت تتعرض مؤخرا كما يذكر لاينز Lyons- إلى النقد بوصفها غير عملية unworkable، وعقيمة sterile.[12] وهكذا فإن كلتا الفلسفتين التجريبية، والوضعية خلافا للعقلانية- ترفضان إقحام الموضوعات التي تخرج عن نطاق الملاحظة، أو تتعدى حدود الوصف المقتصر على العناصر التي يمكن التحقق منها. وكما لاحظنا فإن تبني الفلسفة العقلية ميز بوضوح مدرسة تشومسكي من المدرسة السلوكية التي اعتمدت الفلسفتين التجريبية، والوضعية إطارا نظريا لأفكارها.

1 ، 1، 2- الكفاية في البحث اللساني:

يرجع جزء كبير من الاختلاف بين بعض المدارس اللسانية على الأقل إلى اختلافهم في قدر الكفاية adequacy الذي ينبغي أن يتحقق في البحث العلمي؛ ولذا نراهم يعطون إجابات مختلفة للسؤال الآتي: ما القدر الذي يفي بالمراد في فهم الظواهر اللغوية، واستكناه حقيقتها؟. ويتحدث اللسانيون عادة عن ثلاثة أنواع من الكفاية هي الكفاية في الملاحظة observational adequacy، والكفاية في الوصف descriptive adequacy، والكفاية في التفسير explanatory adequacy. وتأخذ هذه الكفايات السابقة ترتيبا يبدأ بالأولى التي تعد في أسفل السلم، ثم تأتي الكفاية في الوصف التي تتوسط الكفايتين السفلى، والعليا. وبينما تكتفي بعض المدارس اللسانية بالكفايتين الأولى، والثانية يصر تشومسكي على أهمية الكفاية التفسيرية؛ بل إنه يرى أنها أهمها على الإطلاق.

وإذا كان اللسانيون يتفقون على أن الملاحظة شرط أساسي في البحث اللساني، كما أنها المنطلق المبدئي لاستكشاف الظاهرة اللغوية، فإنهم يختلفون في موضوع الملاحظة، فالسلوكيون مثلا يرون أن الانتباه ينبغي أن يتركز على العناصر اللغوية القابلة للملاحظة في حين يرى التوليديون بزعامة تشومسكي أن المعرفة اللغوية للمتحدث السليقي هي الموضوع الحقيقي للملاحظة. وهكذا فإن العناية ينبغي أن تنصب على أنماط الجمل، ومناويلها ثم عزو كل قولة فعلية إلى ما يناسبها من تلك الأنماط، وهذه مهمة تتم عادة على مستوى الملاحظة. وعلى الرغم من ذلك فقد أولى تشومسكي هذا المستوى عناية أقل؛ لأن الحقائق المتصلة بالموضوع (التعبيرات، والجمل الممكنة في لغة ما، وخصائصها البنيوية) يحصل عليها من حدس اللساني، وليس من الملاحظة المباشرة، كما أن المعرفة اللغوية للمتكلم السليقي (وليس المادة المدوّنة) هي موضوع اللسانيات.[13]

ويمكن توضيح الفرق بين الوصف، والملاحظة أن الوصف يتجه نحو الحقائق في حين تتوجه الملاحظة نحو المادة اللغوية سواء تلك التي يمكن ملاحظتها في كلام المتكلمين كما يرى السلوكيون أم تلك التي تأخذ شكل المعرفة اللغوية التي يحملها المتحدثون المثاليون في أذهانهم كما يرى التوليديون، ولا يمكن أن تتحقق الكفاية في الحالتين إلا إذا تمت الملاحظة، أو الوصف على نحو سليم. ومن الشروط الأساسية التي لا يكون البحث العلمي بدونها كافيا في الملاحظة خصيصة الشمولية التي تقتضي عدم إهمال أية سمة من سمات الظاهرة، أو الظواهر المدروسة. أما الوصف فيستلزم ضربا من التجريد الذي يصبغ الدراسة بطابع العلم.

اعتاد السلوكيون، والبنيويون إجمالا قبل تشومسكي على الاقتصار على الوصف في دراسة الظاهرة اللغوية دون الخوض في تسويغها، أو تأويلها، أو تفسيرها، أما التوليديون الذين كان لهم عناية خاصة بفكرة العموميات universals فلم يكتفوا بالملاحظة، أو الوصف، بل رأوا أنه من الضروري إذا ما رمنا فكرة الوصول إلى صوغ قواعد عالمية تنطبق على جميع اللغات أن نغوص في المبادئ، والأسس المفسرة للظواهر الخارجية.

يقول تشومسكي:

"ويتحقق المستوى الأدنى من النجاح إذا قدم النحو المادة الأولية الملاحظة تقديما سليما، ويمكن بلوغ المستوى الثاني، والأعلى من النجاح عندما يقدم النحو تفسيرا سليما للحدس اللغوي للمتكلم السليقي، ويحدد النحو كذلك المادة الملاحظة (ولاسيما) من حيث التعميمات المهمة التي تكشف عن الاطرادات الأساسية underlying regularities في اللغة. ويمكن بلوغ المستوى الثالث (والأعلى على الإطلاق( من النجاح عندما تقدم النظرية اللسانية المعنية أساسا عاما لاختيار القواعد التي تحقق المستوى الثاني من النجاح على حساب قواعد أخرى منسجمة مع المادة الملاحظة ذات الصلة لكنها لا تحقق هذا المستوى من النجاح. وفي هذه الحال نقول إن النظرية اللسانية المعنية تقترح تفسيرا للحدس اللغوي للمتكلم السليقي".[14]

ولعل من النقاط الجوهرية التي تميز أصول التوليديين من غيرهم أن ما هو ملاحظ ليس بالضرورة هو الأهم في البحث اللساني؛ بل إن "ما هو ملاحظ ربما لا يكون في كثير من الأحيان مناسبا، ولا مهما، وما هو مناسب، ومهم قد تصعب ملاحظته".[15] ويشبه هذا إلى حد كبير معالجة النحاة العرب لبعض الأبواب، والجزئيات النحوية، والصرفية التي اتسمت في كثير من الأحيان بالتعليل، والتفسير، والتقدير، والتأويل رغبة في بلوغ أكبر قدر من الاطراد، والانسجام.

إن تشومسكي، ولسانيين توليديين آخرين يعدون اختلاف مفهومهم في الكفاية عما يعدونه مفهوم دو سوسور de Saussure الجامد للغة بوصفها خزانة لغوية يكمن في الجانب الإبداعي غير المحدود لمعرفة المتكلم السليقي للغته. وهو ما يميز أيضا إبداعية اللسانيات التوليدية من الهدف التصنيفي المحدود للبلومفيلديين، وهو هدف لا ينكره الجيل البلومفيلدي.[16]

1 ، 1، 3- حدود التجريد:

تختلف المدارس اللسانية في تحديد المدى الذي ينبغي أن يمتد إليه التجريد في البحث اللساني. وتتميز المدرسة التوليدية بوضوح من غيرها من المدارس اللسانية بإغراقها في التجريد، ولعل من نافلة القول أن نذكر بأن هذا يتصل جزئيا اتصالا وثيقا بتعويلهم على الكفاية التفسيرية في فهم الظاهرة اللغوية، وتقدّم اللسانيات. فالوصف اللغوي للبنى السطحية وحدها لا يحقق طموحات التوليدي في التبصر بالأسس المفسرة للشكل الذي تأخذه تلك البنيات الخارجية، ولذا ينبغي البحث عما هو أبعد، وأعمق من تلك المظاهر السطحية، فوجدوا ضالتهم في مفهوم البنى العميقة، وفضلا عن ذلك فإن التوليديين يشاركون البنيويين في اعتماد مستوى أقل من التجريد، وهو مستوى الجملة في مقابل مستوى القولة. ويمكن توضيح الفرق بين الجملة، والقولة باللجوء إلى تفريق دو سوسور بين اللغة، والكلام، فبينما تنتمي الجملة إلى اللغة تنتمي القولة إلى الكلام، إذ إن القولة هي التركيب المفيد الذي ينطقه المتكلم بالفعل في سياق معين في زمن معين، وفي مكان معين، أما الجملة فهي ما ينشأ عن تجريد طائفة من القولات المتشابهة إلى الحد الذي يسمح بالحكم بانتمائها إلى نمط تركيبي واحد. ويرى بعض اللسانيين أن هناك مستويات مختلفة من التجريد منها ما يقع بين القولة، والجملة كما يرى شنل Schnelle الذي ذكر خمسة مستويات تبدأ بالأحداث الصوتية في الكلام، والخطية في الكتابة بوصفها نتاجا لعملية القول، وتنتهي بأشكال التعبير النحوية المجردة عن الأصوات المنطوقة، والحروف المكتوبة.[17] ومن هذه المستويات ما يقع بين الجملة في بنيتها السطحية، وما يعلوها تجريدا على مستوى البنية العميقة مرورا بدرجة، أو أكثر من البنى الوسطى.

1 ، 1، 4- موقف اللسانيين من الكليات والجزئيات:

يعود اختلاف المدارس اللسانية، واتجاهاتهم في كثير من الأحيان إلى مواقف أنطولوجية (وجودية) فلسفية. ويعد الحكم في تحديد السابق (ألكليات، أم الجزئيات؟) على وجه الخصوص مبدأً مؤثرا في الدراسات اللغوية قديمها، وحديثها، وتبلغ أهمية هذا الأمر حدا يؤدي تغيير الرأي فيه إلى الخروج عن المدرسة الفلسفية، أو اللسانية المتّبعة، ولعل من الأمثلة التي يمكن ذكرها هنا خروج اللساني المعروف كاتز Katz عن عقلانية تشومسكي Chomsky’s conceptualism إلى الواقعية realism[18]. ذهب كاتز إلى القول بأسبقية الجمل بوصفها كليات على القولات بوصفها جزئيات، وكان ينظر إلى الجمل نظرة فلاسفة الرياضيات الأفلاطونيين إلى الأعداد، حيث كانوا يعتقدون بوجودها السابق للمعدودات[19]، ويذهبون إلى القول بأسبقية وجود الحقائق الرياضية، والمنطقية عما عرفه البشر من المنطق، والرياضيات.[20] ومن المهم هنا الإشارة إلى أنه مما يترتب على هذا أن علم القواعد الذي يهتم بدراسة الجمل ما هو إلا "نظريات لكيانات مجردة"؛[21] كما يذكر كاتز، وهو مفهوم، وإن اتفق مع مفهوم تشومسكي في رأيه في موضوع اللسانيات التوليدية، فإنه يخالفه في الاعتقاد بالوجود القبلي للجمل، ووجودها المستقل، والسابق للقولات اللغوية.

ومن الأمثلة الأخرى التي يمكن ذكرها لتوضيح أهمية تحديد الموقف من أسبقية الكليات على الجزئيات، أو العكس رأي ابن تيمية الذي يعتقد بأسبقية الجزئيات، ويرى أن الكليات ما هي إلا نتاج لعملية عقلية يتم فيها تجريد الأفراد المندرجين تحت الكلي باستبعاد خصائصها المميزة، والإبقاء على أوجه التماثل بينها. ولا شك أن لهذا الموقف صلة وثيقة بنظريته السياقية، ونظريته في المجاز، بل لا نبالغ إذا ربطنا هذا بمجمل آرائه، ونظرياته اللغوية، والفلسفية[22]. ويشترك ابن تيمية في أصوله هذه مع الدراسات البراغماتية الحديثة؛ الأمر الذي جعل نتائج دراساته في اللغة، والنص متقاربة إلى حد كبير مع دراساتهم، وهو ما يؤكد صحة دعوانا في هذه الدراسة، وهي أن الأصول الفلسفية للنظريات اللغوية هي الموجّهة للاتجاهات المذهبية، أو المدرسية.

لقد أدى عزل القولات اللغوية من سياقاتها لغرض بلوغ ضرب من الأمثَلة idealization إلى إغراق في التجريد آل في النهاية إلى تصور مصطنع للغة الحقيقية. وهنا ينبغي أن نشدد على أهمية التفريق بين اللغة النظرية (أو التقديرية (theoretical language، واللغة الملاحظة (الحقيقية، أو الفعلية actual language). وهو تفريق اقترحه كارناب، وأكده وندرليش،[23] وسبق أن ألمح إليه ابن القيّم في معرض رده على أهل التأويل، ومناصري المجاز الذي خلطوا بين الكلام المقدر، والكلام المستعمل[24]. ومثلما فعل نحاة العربية، وجمهور الأشاعرة الذين أولوا آيات الصفات، وقالوا بالكلام النفسي أغفل التوليديون، ومن سار سيرهم الخصائص السياقية المميزة للقولات اللغوية، وأبحروا في غياهب التجريد. وهو أمر آل في نهاية المطاف إلى انعطافة قوية دعا إليها البراغماتيون، والمهتمون بتحليل النص نحو دراسة أكثر واقعية، وتجريبية تأخذ في اعتبارها السياقات الفعلية دون أن تغفل أهمية النمذجة typification في صوغ العلم. والفرق بين الأمثَلة، والنمذَجة أن الأمثلة هي عملية مبدئية تصاغ بغض النظر إلى واقع الأمور، والخصائص الحقيقية للأشياء، أما النمذجة فهي مستوى أدنى من التجريد تدرج فيها المتشابهات تحت نموذج واحد يجمع بين خصائص أفرادها. ويذكر وندرليش أنه "ليس هناك حالة حقيقية تتفق مع حالة مثالية (إلا على نحو تقريبي)، أما ما يتفق مع الحالات الحقيقية فهو النموذج".[25] والمشكلة التي نتعرض إليها عند الأمثلة هي الإفراط في التجريد[26]، وهو أمر يؤول في النهاية إلى صياغة ذهنية للمادة اللغوية مختلفة عن حقيقتها، وقد يصاحب ذلك تفسيرات، وتقديرات، وتأويلات نظرية تغفل المبادئ، والأسس الحقيقية المفسرة للظاهرة اللغوية. ولعل هذا ما أدى بالفيلسوف غرايس – Griceمثلا- إلى صوغ أسس خطابية في تحليله للأحاديث الكلامية، كما أدى بمحللي النص إلى الاقتصار في دراستهم على تحليل الشواهد الحقيقية المأخوذة من الكلام الفعلي، وأهملوا فكرة المتحدث المثالي عند تشومسكي، كما آل ذلك إلى إعادة النظر في مفاهيم راسخة في الدراسات اللغوية، والبلاغية منذ أرسطو إلى عصرنا هذا مثل وجود المجاز، فقد ظهرت نزعات مشككة في صحة التفريق بين الحقيقة، والمجاز صدرت عن مهتمين بالبراغماتية، وفلاسفة اللغة، والباحثين في الذكاء الاصطناعي، ومن بينهم نذكر سبيربر Sperber، وويلسون Wilson اللذين صرحا بوجود أسس قوية لإنكار فكرة المعنى المجازي.[27]

1 ، 1، 5- اللغة والكلام:

يعد التفريق بين اللغة، والكلام parole من الثنائيات المشهورة التي قدمها دو سوسور إلى الدراسات اللغوية، فضلا عن ثنائيات أخرى، كالتفريق بين الدراسات التعاقبية، والتزامنية. ويقصد بالكلام هنا ما ينشأ عن الاستخدام الفعلي للغة؛ أي ناتج النشاط الذي يقوم به مستخدم اللغة عندما ينطق بأصوات لغوية مفيدة. وبينما تتسم اللغة بالطابع الاجتماعي بوصفها ظاهرة اجتماعية كامنة في أذهان أفراد المجتمع، يحدث الكلام نتيجة نشاط فردي.

وعندما تستخدم قولة ما فإن القولة المستعملة لها جانبان:

1-جانب ينتمي إلى اللغة: وهو الذي يضمن أن المخاطبين يفهمون ما يقوله المتكلم بوصفه منتميا إلى مجتمعهم اللغوي، ويتحدث لغتهم، ويتمثل هذا الجانب في تقيد المتكلم بقواعد اللغة، والمناويل اللغوية linguistic patterns المتعارف عليها في لغته، والمفردات المعجمية المصطلح عليها.

2- جانب ينتمي إلى الكلام: وهو تركيبه لقولة معينة على نحو يحكمه عادة قصده الإبلاغي، واختياره لمفردات معجمية، ومناويل قواعدية بعينها، واستثمار السياق لبيان مقصده.

وثمة صلة بين التمييز بين اللغة، والكلام من جهة، والتفريق بين المعنى، والقصد من جهة أخرى، وهي صلة لم يشر إليها دو سوسور صراحة، ولكنها ترسخت في الدراسات البراغماتية الحديثة التي استفادت من تمييز دو سوسور بين اللغة، والكلام. ولكي نوضح هذه الصلة علينا أن نتصور سياقا لغويا يمكن بيانه كالآتي: (يجلس مجموعة من الطلاب في فصل دراسي مكيّف، ويقف المدرس قريبا من زر جهاز التكييف، وتشتد البرودة داخل الفصل، فيبادر أحد الطلاب بالقول: "الجو بارد يا أستاذ)، فيتوجه الأستاذ إلى زر المكيّف، ويضغط عليه لإغلاقه)، ولعل جميع الطلاب (وكذلك مدرسهم) يدركون أن المعنى اللغوي لجملة "الجو بارد" هو الإخبار بشعور الطالب ببرودة الجو، وأن المدرّس فهم منها أن الطالب يطلب منه بأسلوب مؤدب أن يغلق جهاز التكييف. وما يهمنا هنا في هذا المثال هو بيان أن معنى "الجو بارد" على المستوى اللغوي يختلف عما يقصد بها بوصفها قولة مستخدمة في هذا السياق. والجانب اللغوي في ما قاله الطالب هو تقيده باستخدام جملة اسمية معهودة في العربية مكونة من مبتدأ، وخبر، ومراعاته لمقتضيات القواعد الصرفية، والنحوية، واستخدامه للمفردات اللغوية في معانيها المصطلح عليها في العربية، أما الجانب الكلامي فيها فهو أنه اختار هذا المنوال بالذات من بين مناويل أخرى ممكنة، واستثماره للسياق الخارجي لإخراج المعنى اللغوي للجملة من الإخبار إلى طلب.

وهكذا يمكن القول إننا عندما نتحدث فإننا في الواقع ننقل اللغة إلى كلام، والجملة إلى قولة، والمعنى إلى قصد، ودلالات الألفاظ إلى إشارات. ولعله من المهم هنا أن نذكر أن القولة عندما تعزل عن سياقاتها يتعذر علينا أن نفقه المقصود منها، وإن أمكننا فهم معانيها. فعندما ننظر إلى قوله تعالى "قال بل فعله كبيرهم هذا" (القرآن الكريم: الأنبياء 21 : 63) بغض النظر عن السياق الذي وردت فيه، فلا يفهم منها إلا أن شخصا ما ينسب فعلا ما إلى شخص ما هو أكبر المحيطين به، أما إذا نظرنا إليها باعتبارها قولة فسنضطر إلى الرجوع إلى السياق الذي قيلت فيه، وسندرك بعدها أن المتكلم هو إبراهيم عليه السلام، وأنه يشير بكلمة "فعل" إلى كسر الأصنام، وأن الضمير يشير إلى عملية الكسر، وأن "هم" في "كبيرهم" تشير إلى الأصنام، وأن هذا تشير إلى أكبر الأصنام الموجودة، وأن القصد من كل هذه القولة تشكيك المخاطبين في اعتقادهم بألوهية تلك الأصنام، وتوجيه انتباههم إلى عجز كبير الأصنام عن القيام بمثل هذا العمل، وعجز سائر الأصنام عن الدفاع عن نفسها عند تعرضها للكسر، والاستخفاف بعقولهم التي تتمسك باعتقاد ألوهية تلك الأصنام، على الرغم من عجزها عن الدفاع عن نفسها، أو حتى الإخبار عمن كسرها.

ولا يمكن لنا أن ندرك المقصود بكل هذه الإشارات، والمراد من القولة إلا بإقحام العناصر الخارجة عن اللغة، وهي المخاطِب، والمخاطَب، والسياق؛ أي ربط الجملة بزمان، ومكان، ومخاطبين، ومقام تخاطبي، وتحديد ما تشير إليه التعبيرات اللغوية الإشارية، وبهذا الإقحام تكون عبارة "بل فعله كبيرهم هذا" قد خرجت من حيز اللغة إلى مجال الكلام الفعلي.

ما ينتمي إلى اللغة

ما ينتمي إلى الكلام

الجملة

القولة

المعنى

القصد

الإحاللات، أو دلالات الكلمات

الإشارات

وثمة صلة بين تفريق دو سوسور بين اللغة، والكلام الذي أثير في سنة 1916وتفريق آخر قدمه تشومسكي بعد ذلك بخمسين سنة تقريبا بين الكفاية competence، والأداء performance، غير أنه توجد فروق جوهرية أيضا بين هذين التفريقين. وهو أمر كان له انعكاس على فروع المدارس اللسانية التي تقول بأي من التفريقين، فالكلام في ثنائية دو سوسور يشير إلى ناتج الاستخدام الفعلي للغة، وليس لعملية الاستخدام نفسها أي أنه بتعبير النحاة من باب إطلاق اسم المصدر، وإرادة اسم المفعول، وهو ما يجعل من مفهوم الكلام عنده مفهوما جامدا غير ديناميكي، وهذا ينسجم مع مفهومه للغة بأنها نظام من العلامات system of signs (أو الدوال) بدلا من عدها نظاما من الدلالات كما يراها علماء أصول الفقه مثلا[28]. أما تشومسكي فيرى أن الكفاية هي التمكن من اللغة (بوصفها نظاما لا سلوكا) المخزونة في أذهان متكلميها السليقيين (أو من كان مثلهم إتقانا لتلك اللغة). وهي نتاج التفاعل بين 1- القواعد العمومية (universal grammar) الموجودة في ذهن كل إنسان (تلك المسماة باللغة الملكة) التي يختص بها البشر، وتورث جينيا من إنسان إلى آخر، و2- عدد كاف من القولات النموذجية التي يمكن تحليلها بمساعدة معرفة الطفل الفطرية لمبادئ parameters القواعد العمومية، ومعاييرها.[29]

و ينطبق الأداء عند تشومسكي على استخدام اللغة النظام language-system في حين ينطبق الكلام عند دو سوسور- على نتاج استخدام النظام. ويرى جون لاينز أن المطلوب ليس تفريقا ثنائيا بسيطا بين النظام، ونتاجه، بل تفريق ثلاثي لا يتميز فيه النتاج product من النظام system فقط، وإنما من العملية process (وهي الأداء، أو السلوك، أو الاستخدام، إلخ).[30] وهذا التفريق الثلاثي (أي التفريق بين النظام-العملية-النتاج System-process-product) مهم جدا في علمي البراغماتية pragmatics، والدلالة semantics.

ونظرا إلى أن التوليديين ينظرون إلى اللغة نظرة أكثر ديناميكية، ويرون أن عملية توليد الجملة المحكومة بالكفاية تتم على مستوى اللغة، وليس على مستوى الكلام، فإن ما سمي بالعملية process، وما ينشأ عنها من نتاج product عند تشومسكي إنما هما مفهومان أكثر تجريدا من مقابليهما: العملية، والنتاج عند دو سوسور، وأتباعه، وذلك لأن العملية عند تشومسكي تتم على نحو تجريدي بحيث تبدو مستقلة عن الاستخدام، والسياقات الفعلية للكلام.[31] أما البراغماتيون pragmatists فيعنون بعملية الاستخدام عناية كبيرة، بل إن كلمة pragmatics نفسها تعني "علم الاستعمال". ولذا فإن الكثير منهم يرى أن التخاطب عملية لا تخلو من إخبار، أو استفهام، أو تسمية، أو نحو ذلك مما يسمونه بأفعال الكلام speech acts . وبذلك يتطور المفهوم الجامد للكلام كما شرحه دو سوسور إلى عمل ديناميكي يأخذ طابع الاستعمال، وهو أمر يتيح إقحام مصطلحات ديناميكية أخرى تحل محل نظائرها الجامدة في تراث دو سوسور ربما كان من أهمها استخدام مصطلح القصد intention بدلا من المعنى meaning. وأصبح موضوع تحليل المحادثة conversation بدلا من الجملة، وأضحى اللسانيون يبحثون في مبادئ (أو أصول) التخاطب principles of communication لبلوغ كنه مراد المتكلم بدلا من الاقتصار على البنى اللغوية المجردة.

1 ، 1، 6- الاختلاف في طبيعة اللغة:

سبق أن ذكرنا[32] أن اللغويين قبل دو سوسور كانوا ينظرون إلى اللغة على أنها مجموعة من الأصوات، تلك العناصر المادية التي يمكن سماعها، ونطقها، وتتسم بخصائص فيزيائية مميزة؛ أي أنها جواهر، وليست أعراضا إذا ما استخدمنا مصطلحات المناطقة. وأدّى إقحام دوسوسور عنصر النظام في اللغة إلى نشأة البنيوية فيما بعد، ثم تطور الأمر بعد ذلك عندما بدأ التعويل على خصيصة أخرى من خصائص اللغة، وهي خصيصة الإنتاجية التي تتيح للمتكلمين توليد عدد غير محدود من الجمل. وقد تقرر في اللسانيات أن الإنتاجية productivity هي إحدى السمات التي تختص بها اللغة البشرية، وهي خصيصة تستلزم أن للمتكلمين حرية في إحداث جمل لم يسبق لهم أن سمعوها. وقد أدت هذه النظرة الجديدة إلى اللغة الطبيعية إلى تحديد معالم المدرسة التوليدية عندما أشار تشومسكي في سنة 1957 إلى أنه "منذ الآن سأعُدّ اللغة طائفة من الجمل (المتناهية، أو غير المتناهية)، كل جملة متناهية في طولها، ومركبة من مجموعة متناهية من العناصر"[33].

1 ، 1، 7- الاختلاف في تحديد أهم الجوانب اللغوية:

تختلف مدارس اللسانيات باختلاف الجوانب اللغوية التي يوليها اللساني عنايته، فالمدرسة التاريخية تهتم بتاريخ اللغة، والمدرسة البنيوية تهتم ببنية اللغة، والمدرسة الوظيفية تهتم بوظيفة اللغة، والمدرسة التوليدية تهتم بكيفية توليد الجمل اللغوية غير المتناهية من قواعدها المحدودة العدد، والمدرسة التخاطبية تعنى بتجليات اللغة في المقام التخاطبي.

وسنشرح فيما سيأتي من موضوعات بإيجاز- كيف اتجهت كل مدرسة إلى تتبع جانب معين من الجوانب اللغوية، ونتتبع الظروف التاريخية، والفلسفية التي أدت إلى أخذ كل مدرسة الاتجاه الذي مالت إليه، كما سنوضح بعض أفكارها، ومبادئها، وفروعها التي تعين على فهم الأصول الفلسفية، والمعرفية الموجهة لاتجاهاتها.



[1]يعود مصطلح ontology إلى اللغة الإغريقية، ويقصد به "نظرية الوجود من حيث هو"، ويعرفه أرسطو بأنه "علم ماهيّة الأشياء"، أما الإبستمولوجي epistemology فهو مصطلح إغريقي أيضا، ويقصد به "فرع من الفلسفة يعنى بأصل المعرفة، وبنيتها، ومناهجها، وصلاحيتها". See Dagobert D. Runes, Dictionary of Philosophy, 16th edn. (New York: Philosophical Library, n-d).

[2] O. Jespersen, Language. Its Nature, Development, and Origin.( London: Allen & Unwin, 1922) p.7.

[3]Lyons, 1981, p. 40.

[4] Lyons, 1977, 1: 121.

[5] N. Chomsky, Aspects of the Theory of Syntax (Cambridge: The MIT Press, 1965) p. 193, note1.

[6]Chomsky, N., 1965: 20.

[7]Chomsky, N., 1965: 194.

[8] R.H. Robins, A Short History of Linguistics (London: Longman, 1997) p. 261

[9] Robins, 1997:262.

[10] See Robins, 1997:262.

[11] Lyons, 1981: 441-2.

[12]Lyons, 1981: 42.

[13] Dieter Wunderlich, Foundations of Linguistics, Translated by Roger Lass (Cambridge: Cambridge University Press, 1979) p. 70.

[14] N. Chomsky, Current Issues in Linguistic Theory (The Hague: Mouton, 1964) p. 28.

[15] Chomsky, 1964: 28, n.1.

[16] See Robins, 1997: 265-6.

[17]Wunderlich, 1979: 105-6.

[18] لمعرفة موقف كاتز الأنطولوجي انظرJerrold J Katz, Linguistic Philosophy: the Underlying Reality of Language and Its Philosophical Import (London: Allen and Unwin, 1972).

[19]See Jerrold J Katz, Language and Other Abstract Objects (Oxford: Basil Blackwell, 1981) P 22.

[20]See Katz, 1981: 181.

[21]Katz, 1981: 3.

[22] Yunis Ali, 2000, PP 87-140.

[23]Wunderlich, 1979: 69.

[24] الموصلي، محمد، مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم الجوزية (مكة: المكتبة السلفية:دار الذخائر، 1349 هـ) 2:41.

[25] Wunderlich, 1979: 104.

[26]Ibid.

[27] Dan Sperber and Deirdre Wilson, "irony and Use-Mention Distinction” in Steven Davis (ed), Pragmatics: A Reader (New York: Oxford University Press, 1991), pp550-564, pp. 551-2.

[28] للموازنة بين ثنائية اللغة والكلام، وثنائية الوضع والاستعمال عند الأصوليين انظر Yunis Ali, 2000:15-6, 142-3

[29]Lyons, 1995, p. 21.

[30]Lyons, 1995, p. 21.

[31]Lyons, 1995, p. 22.

[32] ينظر مبحث خصائص اللغة "كون اللغة نظاما".

[33]Chomsky, 1957, p. 13.

0 التعليقات:

الجديد في منتديات تخاطب